السرطان عند الرجال

السّرطان الأكثر انتشاراً عند الرجال… ما هي أهم تقنيات الكشف عنه؟

يحتلّ سرطان البروستات صدارة قائمة السرطانات عند الرجال، ويُشكّل غياب الأعراض في المراحل الأولية العدو الأول للتشخيص المبكر، ومع ذلك أحدث الطب نقلة نوعية في تقنيات التشخيص والمعالجة التي أعطت أملاً كبيراً لمرضى سرطان البروستات. أبحاث كثيرة أظهرت دور الجينات وخللها في الإصابة بسرطان البروستات كما هي الحال مع سرطان الثدي، ولكن في المقابل تطوير العلاجات كما تقنيات التشخيص أعطت أملاً في الكشف المبكر كما في الشفاء، خصوصاً في مراحله الأولى أو عندما يكون السرطان محصوراً.

يشرح الاختصاصي في جراحة المسالك البولية والجراحة الروبوتية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ألبرت الحاج في حديثه لـ”النهار العربي” أنه “صحيح أن سرطان البروستات يعتبر من السرطانات الأكثر شيوعاً، إلا أنه بطيء التطور، وفي معظم الحالات يمكن معالجته، خصوصاً في مراحله الأولى، ولكنّ هناك أنواعاً من سرطان البروستات التي تكون أكثر شراسة وتطوراً ويكون التشخيص المبكر والوقاية سلاحين قويين لمواجهته.

تتمثل مشكلة سرطان البروستات بغياب أعراض أولية في مراحله الأولى، وبالتالي يكون التحدي الأكبر في الكشف المبكر عن هذا الخبيث من خلال بعض الفحوصات وأهمها:
* فحص دم مستضد البروستات أو PSA: يسمح بكشف مستوى بروتين تُنتجه غدة البروستات، وقد تكشف مستوياته المرتفعة سرطان البروستات أو تكون نتيجة حالات غير سرطانية مثل التهاب البروستات أو تضخم البروستات الحميدة.
* فحص المستقيم أو Rectal Exam: يقوم الطبيب بفحص البروستات عبر جدار المستقيم والتحقق من عدم وجود أي علامات غير اعتيادية في حجمها، بنيتها وشكلها.
* فحص بروتينات بالدم تكشف عن الخلايا السرطانية مبكراً وتكون أدق من فحص PSA الذي لا يكون كافياً وحده للكشف عن سرطان البروستات. (4 K score)
* فحص بول (liquid biopsy) يفحص الجينات في البول والذي يشير إلى احتمال الإصابة بالسرطان.
* صورة الرنين المغناطيسي: نجري هذه الصورة بعد الشك باحتمال إصابة المريض بسرطان البروستات، ونتيجة تطوّر هذه الصورة أصبح بمقدورنا معرفة مكان السرطان وانتشاره بطريقة دقيقة والتي تساعدنا على أخذ خزعة من المكان الصحيح وإصابة الخلايا السرطانية مباشرة.
* صورة Pet Scan تكشف مدى انتشار السرطان في الجسم في الحالات المتقدمة.
وفي التطورات الحديثة لتشخيص سرطان البروستات، تقنية الخزعة الموجهة من خلال العجان (Perineum) وليس من باب الشرج. تمكن هذه الطريقة من تخفيف خطر الالتهابات عند المريض والتقليل من الأعراض الجانبية الناتجة من هذا الفحص. (transperineal biopsy)
لذلك ننصح بإجراء الفحص لكل رجل تخطى الـ50 من عمره، وبما أن العامل الوراثي يلعب دوراً في زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان، فإن وجود تاريخ عائلي في سرطان البروستات، يدفعنا إلى إجراء فحوصات مبكرة أي في سن الأربعين.
ويُميّز الحاج بين تضخم البروستات الحميد الذي يترافق مع بعض الأعراض وتستدعي علاجاً أيضاً وبين سرطان البروستات الذي لا يترافق

مع أعراض أولية في بداياته لكن تظهر في مراحل متقدمة وأهمها:
– الشعور المفاجئ والمتكرر بالتبوّل
– صعوبة في عملية التبوّل مع ألم أو حرقة
– ألم في أسفل البطن وقد يصل الى الخصيتين
– وجود دم في البول
– ألم في أسفل الظهر أو أعلى الفخذين أو الوركين (تفشي السرطان في العظام)
– تقطع في البول
– تكرار التبوّل الليليّ أكثر من المعتاد

وتلعب بعض العوامل المؤثرة دوراً في زيادة المخاطر، ومنها التقدم في العمر، التاريخ العائلي والعامل الوراثي، قلّة النشاط البدني، تناول اللحوم بكثرة، لا سيما الغنية بالدهون، التدخين والبدانة.
ويحتل لبنان المرتية الأولى في سرطان البروستات مقارنة بالدول المجاورة، وفي دراسة أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت، كشف أن حوالي 25% من المرضى يأتون في مراحل متقدمة، وهذا ما يسلط الضوء على أهمية الكشف المبكر للوقاية والعلاج. فيما نكشف 75% من الحالات من خلال فحص الـ PSA.
ويشير إلى أن الدراسات أظهرت أن “خللاً في الجينات ومنها BRCA 1 وBRCA 2 كما هي الحال في سرطان الثدي قد يُسبب أيضاً سرطان البروستات عند الرجل. وبالتالي وجود حالة سرطان ثدي في العائلة يُحتم علينا إجراء فحص للرجل في سن مبكرة نتيجة وجود هذا الخلل الجيني”.

العلاجات حسب انتشار السرطان وتقدمه
يشدد الحاج على أن “سرطان البروستات بطيء التطور، ويختلف العلاج حسب نوع السرطان ودرجته ومدى انتشاره.
• إذا كان الورم من الدرجة الأولى ونوعه غير عنيف، تكون المراقبة الفعالة والدقيقة الخيار الأفضل للمريض.

• بالدرجة الأولى والثانية: نلجأ الى الجراحة لاستئصال الورم كاملاً، ومن بين هذه التقينات الحديثة تتصدر تقنية الروبوت لاستئصال الورم قائمة العلاجات المتطورة التي أثبتت فاعليتها ودقتها في معالجة سرطان البروستات بمضاعفات أقل ونتائج مذهلة. وقد نشرنا في الآونة الأخيرة نتائج هذه التقنية من خلال بينانات مرضانا، وهي نتائج جيدة جداً وشبيهة لنتائج المرضى في الدول الأوروبية والأميركية.
كما أن المريض يتعافى بسرعة ويخرج من المستشفى في اليوم التالي، والتخفيف من الأعراض الجانبية الناتجة من الجراحة الروبوتية مقارنة بالجراحة التقليدية.
ونلجأ إلى العلاج بالشعاعي بعد الجراحة في حال كان السرطان منتشراً بطريقة محدودة يتخطى البروستات.

أما في حال كان المريض أكثر من 75 عاماً أو لديه مشكلات صحية لا تسمح بإجراء جراحة له، نلجأ إلى العلاج الشعاعي.

أما بالنسبة الى المرحلة المتقدمة حيث يكون الورم أكثر انتشاراً، فنلجأ عادة الى المزج في العلاجات بين علاج الهرمونات والكيميائي أو العلاج الشعاعي. وتختلف طريقة العلاج ونوعه حسب كل مرحلة وحدّة الورم وغيرها من العوامل التي تقرر نوع العلاج.

كورونا وسرطان البروستات
برأي الحاج “صحيح أن الفيروس ينتشر بسرعة كبيرة، إلا أن الأهم يبقى في عدم إهمال أي عارض قد يشعر به والتي قد تتهدد صحته في حال إهمالها وعدم مراجعة الطبيب. لذلك عند ظهور أي عارض مثل دم في البول، أو ألم عند التبول وغيرها يجب استشارة الطبيب فوراً للتأكد من سبب المسؤول وقد يكون نتيجة إلتهابات أو تضخم البروستات الحميد أو سرطان البروستات.
وفي هذه الظروف، أصبحت الاستشارة الطبية عن بُعد من الخيارات الموجودة والتي تسمح للمريض والطبيب في متابعة الحالة والتأكد من عدم وجود مؤشر مقلق. ويقرر الطبيب وفق المعطيات ونتائج الفحوصات ما إذا كان المريض بحاجة إلى إجراء فحوصات أكثر في المستشفى”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى