الأمور ستسوء أكثر: “حزب الله” يتحصّن
كتب منير الربيعفي “المدن”: أفق لبنان المسدود على الصعد المختلفة، انعكاساً لحال جمود المعضلات في المنطقة التي يسودها الترقب والانتظار. وكلمة رئيس الجمهورية عون في المناسبة السنوية لاستقلاللبنان في 22 تشرين الثاني، هي إياها التي كان يلقيها منذ سنوات عندما كان معارضاً ينتظر الوصول إلى منصبه الحالي. وأضاف إليها تشدده المزعوم في معركة التدقيق الجنائي وفي الملف الحكومي الذي لا يزال مجمداً. أما دعوته المتكررة إلى عقد جلسات حوار وطني، فحملت نقطة جديدة واحدة: إطلاق حوار وطني لمواكبة المرحلة الجديدة التي تمر فيها المنطقة، وهي مرحلة السلام.
في انتظار انفجار ما؟
هذا الجمود اللبناني المتزامن مع حركة إقليمية ودولية غير معروفة النتائج – لكنها تشير إلى استنفار عام في منطقة الشرق الاوسط- يقود إلى تحليلات كثيرة، تفيد أن ثمة مفاجأة ما قد تحصل، بفعل الزحام الحاصل على خطوط المواقف التصعيدية، والتحركات العسكرية في المنطقة كلها، وتحديداً في الخليج العربي
وتبدو الصورة كأنما المعضلات معقدة ومقفلة، ولا يمكن فتح أي باب للتفاوض وتسويات من دون حصول ضربة عسكرية ما تفجر المعادلات الجامدة. وهذا الجو يرخي بظلاله على المنطقة.
حزب الله وبيئته
في الوضع اللبناني الداخلي، لم يحصل أيضاً أي تحريك في المعضلات المجمدة. وحده الانهيار في حركة دؤوبة، ويهرول سريعاً وسط انسداد الآفاق السياسية والاقتصادية. ولا حديث عن حلول مرتقبة، أو حد أدنى من إجراءات تؤدي إلى لجم الانهيار.
وتعمل القوى السياسية على تنشيط تحركاتها لتوفير ما أمكن من مساعات يمكن أن تقدمها لجمهورها، وهي مقنتعة أن الانهيار مستمر.
حزب الله يحاول تمرير الوقت بالحد الأدنى من الخسائر والتطورات. وهو بدوره ينتهج سياسة الترقب والانتظار، تفادياً لأي تصعيد. وبقدرته الاستثنائية يمسك مفاصل السلطة، ويتحكم أكثر من سواه بالمسار السياسي، في انتظار ما سيأتي من الخارج. لكنه يعمل في الوقت نفسه على ترتيب أموره ووضعيته، على أساس أن الأمور ستسوء أكثر، اقتصادياً واجتماعياً ومالياً.
وهو يضع لبيئته حلولاً خاصة، يتفوق فيها على القوى السياسية الأخرى، مستبعداً تقديم تنازلات سياسية تؤدي إلى تخفيف الأزمة. أما رهانه الأساسي فينحصر في أن تغير الإدارة الأميركية الجديدة المسار السياسي في المنطقة، فتفتح نافذة ما بينها وبين وطهران، ما ينعكس إيجاباً عليه.
في انتظار أميركا وايران
ولا يمكن إغفال تحسّب حزب الله لاحتمال حصول ضربة عسكرية في هذين الشهرين الفاصلين. لكنه كطهران يطلق رسائل متناقضة، على غرار تعليق حسن نصرالله قبل أيام على المناورات الإسرائيلية، حينما قال إن حزبه كان في أعلى درجات الاستنفار والجهوزية، وأي ضربة يتعرض لها الحزب ستكون مكلفة جداً.
في المقابل سرّبت رسالة إيرانية نقلاً قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني حول ضرورة عدم القيام بأي خطوة من شأنها استفزاز الأميركيين واستدراجهم إلى معركة. وهذا يؤكد أن ايران تراهن على الوقت لتخفيف الضغوط عليها، وإعادة إحياء المفاوضات الإيرانية الأميركية المباشرة.
والسلوك هذا يلتقي مع مواقف رئيس الجمهورية عون وصهره وبناته: انتظار المفاوضات، ولبنان يريد السلام بعد حلّ مشاكله الخلافية مع اسرائيل. وفي انتظار إميركا وأيران يريد عون عقد جلسات للحوار الوطني، للبحث في ملفات عديدة، أبرزها استراتيجية دفاعية، وترسيم الحدود، وربما تعديل الدستور، ومواكبة مسار السلام.
وهذا لا يعني أن لبنان سيخوض مفاوضات سلام. فهذا مستبعد حالياً، لكن في الحدّ الأدنى يمكن مواكبته لتخفيف الضغوط ووقف عملية الاختناق الشديد.