أفكار سياحية جديدة من بطاقات ائتمان بلا بصمة كربونية إلى خزانة ملابس في الفنادق
تعد السياحة من مصادر الدخل الرئيسية لكثير من الدول، وتعتمد عليها ميزانيات دول كبرى، مثل فرنسا وإسبانيا وأميركا. ومع التنافس الدولي الشديد على جذب مزيد من السياح، تظهر كثير من الأفكار السياحية الجديدة الموجهة لخدمة السياح. وكثير من هذه الأفكار الجديدة ظهرت خلال عام 2017 الحالي، ورصدتها مصادر سياحية متعددة.
بعض من هذه الأفكار يصلح للتطبيق في الدول العربية، حينما تتوفر البنية التحتية اللازمة والمناخ الملائم لتطبيقها، وهي لا تحتاج إلا لبعض الخيال والابتكار والتجديد، بعيداً عن الأساليب التقليدية المعهودة لبيع منتجات غير مرغوب فيها، تغضب السياح أحياناً وتنفرهم من العودة.
هذه الأفكار طبقت في بلدان مختلفة وفقاً للبيئة المحلية، وتوجهت إلى تلبية طلبات خاصة لفئات معينة من السياح، وهي تخص فئات السياح ورجال الأعمال، وتشمل جوانب قد يحتاجها السائح في أثناء الإقامة في مواقع معينة.
ومن أهم هذه الأفكار ما توفره بعض الفنادق البلجيكية، حيث ابتكرت شركة ملابس محلية اسمها «بيمكي» فكرة توفير بعض الملابس لنزلاء الفنادق في خزانة خاصة في الغرف بجوار بار المشروبات. وبدأت الفكرة في فندق واحد، ولكنها سرعان ما انتشرت إلى كثير من الفنادق الأخرى. ويمكن لنزلاء الفنادق أن يجربوا هذه الملابس لاستخدامها في أثناء الإقامة، أو شراء بعضها إذا أعجبتهم. وتشمل الملابس والإكسسوارات المتاحة معاطف ضد المطر ونظارات شمسية وملابس رياضية أو بدلات رسمية تصلح للمناسبات الخاصة. وتعفي هذه الملابس المسافرين من شحن كميات كبيرة من الملابس لكل المناسبات، كما تتيح لهم الفرصة لتجربة أنماط أخرى من الملابس تناسب البيئة المحلية وظروف الطقس المتغير.
وتتيح الشركة أيضاً فرصة تصفح ما تطلق عليه «خدمة الغرف للملابس»، بحيث يطلب الضيف ما يروق له من الملابس والإكسسوارات المتاحة، ويتم تسليمها إليه في غضون ساعة واحدة. ولذلك، لا تعجب إذا سألك الفندق البلجيكي في المرة التالية التي تحجز فيه غرفة للإقامة عن مقاس ملابسك ومساحة وسطك.
وتلك هي بعض الأفكار الجديدة التي قد تصلح للتطبيق عربياً:
– التواصل بين السياح والأهالي: ومن هذه الجهود سياحة «أوتوستوب» بالدراجات الهوائية في أمستردام. وهناك كثير من المبادرات التي تجمع بين السياح والسكان المحليين. ومن هذه المبادرات ما قامت به شركة هولندية اسمها «يلو بوكي» تشجع السياح على الإقبال على العادة الهولندية للأتوستوب على ظهر الدراجات الهوائية مع بعضهم بعضاً. ويجلس الزائر على المقعد الخلفي للدراجة المخصص لنقل الأمتعة. وكل ما على الزائر أن يفعله هو أن يطلب توصيله بالصياح بكلمة «باكي»، لكي يتوقف له أحد راكبي الدراجات لتوصيله.
وفي البرازيل، تقدمت شركة محلية باقتراح تخصيص مقاعد للسياح في الباصات العامة، بحيث يتم التعامل معهم كضيوف، والحديث معهم عن البلد، كما عرضت شركة أخرى أن يعرض الأهالي (المرخصين) على السياح القيام بجولات خاصة بهم لمشاهدة البيئة المحلية على طبيعتها، بعيداً عن المسالك السياحية المعهودة، وذلك لتوزيع الدخل السياحي بالمساواة بين الشركات الكبرى وصغار محترفي الأنشطة السياحية، وغرس روح مساعدة السياح بين الأهالي لأنهم يستفيدون منها مباشرة.
– بطاقات الائتمان والبصمة الكربونية: تتوجه بعض بطاقات الائتمان إلى عرض إلغاء البصمة الكربونية، عن طريق الاستثمار في الغابات الاستوائية، والالتزام بالحفاظ على البيئة عبر كثير من الوسائل، بدلاً من منح حامل البطاقة مزايا فرعية أخرى، مثل الأميال الجوية أو الحوافز النقدية. وتهم هذه الناحية المسافرين بكثرة في أعمالهم، الذين يشعرون بالذنب أحياناً بسبب البصمة الكربونية الهائلة التي يفرزونها في أسفارهم الجوية. ومن المبادرات الأخرى الشبيهة في هذا المجال الشركات السياحية التي تعرض على السياح التبرع بنسبة واحد في المائة لجهات بيئية أو جمعيات خيرية. وتهدف جميع المبادرات البيئية إلى جعل صناعة السفر مستدامة رفيقة بالبيئة بلا شعور من المسافرين بالذنب.
– فندقك في الموقع المفضل لك: مع تقدم تقنية البيوت المنقولة، تنفتح إمكانيات تشييد المباني المؤقتة في المواقع المفضلة للسياح والزائرين. وهذه المبادرة تقدمت بها شركة اسكندنافية لتسليم غرف الفنادق المنقولة إلى المواقع المطلوبة من السياح في غضون يوم واحد. ويتمتع النزلاء في الفندق المؤقت بالإنترنت وخدمات الغرف المعتادة وتقديم الإفطار. وتوفر هذه الغرف السياحية المتنقلة فرصة اختيار التصميم الملائم للمسافر، وإضفاء لمسات شخصية على اختياره لكي يتمتع ليس فقط بالموقع المناسب الذي يختاره، وإنما أيضاً بالخدمات الخاصة التي يفضلها. ومن المبادرات الفرعية في هذا المجال ما توفره شركة اسمها «إيكو كابسول»، وهي منازل بيئية صغيرة منقولة تعتمد على مصادر الطاقة الطبيعية، مثل الرياح والطاقة الشمسية.
– الاختيار الأفضل بين أسعار الفنادق: وهي خدمة ذكية تقوم بها شركة جديدة في هذا المجال اسمها «دريم شيبر»، وهي تعمل على أساس تقديم السعر الأفضل لغرف الفنادق. ففي عالم الفنادق، تتغير أسعار الغرف على الدوام، ليس فقط بين شهور العام أو فصول الذروة، وإنما بين يوم وآخر، وأحياناً بين شركة حجز وأخرى. وفي حين يتوجه معظم المسافرين إلى شركات مقارنة الأسعار التي توفر لهم أفضل سعر وقت الحجز، فإن الشركة الجديدة تراقب سعر الغرفة المحجوزة حتى وقت إشغالها، وإذا تغير السعر إلى سعر أقل قامت الشركة تلقائياً بإلغاء الحجز الأصلي، وطلب حجز جديد بالسعر الأقل. وهكذا، يحصل المسافر على أفضل سعر من دون أن يتابع بنفسه تغير الأسعار بشكل يومي.
– ألعاب إلكترونية لمساعدة الأعمال الخيرية: وهي فكرة قد تعجب معظم المسافرين العائدين إلى بلدانهم بعد رحلات سياحية ومعهم كثير من العملات المعدنية الصغيرة للبلد المضيف، ولا يعرفون كيف يتصرفون فيها، حيث إنها تصبح بلا قيمة كبيرة تستحق تغييرها. وبدلا من طلب هذه القروش لجمعيات خيرية عبر صناديق زجاجية مغلقة، كما يحدث في بعض المطارات، تقدمت شركة «تشاريتي أركيد» بفكرة ضاعفت المساهمة الخيرية عدة مرات فوراً. فقد عرضت ألعاباً إلكترونية من أجهزة يمكن تشغيلها بهذا العملات، على أن تذهب الأموال إلى الجمعيات الخيرية. وتم تطبيق هذه الفكرة بنجاح في المطارات السويدية، مع كتابة اسم الجمعية الخيرية على زجاج الجهاز، ليعرف من يستخدم الأجهزة أين تتوجه تبرعاته.
– السفر بلا أمتعة: هذه الفكرة تأتي من سنغافورة، وهي مخصصة للزوار الذين يأتون إلى الزيارة دورياً، سواء للسياحة أو للأعمال. وتوفر شركة اسمها «باكانادا» خدمة جديدة لتسلم 20 قطعة من الملابس واللوازم الشخصية وتنظيفها وتخزينها للمسافر حتى يحين موعد الزيارة المقبلة، فيجدها في غرفة الفندق مرتبة جاهزة للاستعمال. ويتيح هذا للمسافر أن يعاود الزيارة دون أن يحمل معه أي أمتعة، ويكتفي فقط بجواز السفر. الفكرة طبقها فندق «غراند حياة» في ملبورن بأستراليا، حيث يتيح للزوار ترك أمتعتهم حتى الزيارة المقبلة، على أن يقوم الفندق بتنظيف الملابس وحفظها حتى موعد عودة الضيف.
– فكرة أخرى نبعت من الواقع الأوروبي الذي يعاني من تدفق المهاجرين واللاجئين الأجانب. فقد عرضت جمعية خيرية في فيينا أن يقيم بعض السياح من ذوي الأفق المتفتح في مجمعات شعبية يعمل بها لاجئون؛ وهي خدمة توفر عملاً نافعاً للاجئين، وتساعدهم على الاندماج في المجتمع، كما ترفع الوعي بين الزوار بأن زياراتهم لها منافع اجتماعية، وأموالهم تذهب إلى مشاريع تخدم فئات اللاجئين، ولا تهدف إلى الربح. وقد تم تطبيق فكرة مشابهة في فندق «ريتز كارلتون» في واشنطن، بحيث تتاح للنزلاء فرصة الاندماج في مبادرات اجتماعية وإصلاحية في أثناء فترة زيارتهم، مقابل بعض الحوافز التي يقدمها الفندق للنزلاء. وتهدف هذه المبادرات إلى إتاحة أبعاد اجتماعية للسياح والزوار، وتوفير تجربة مفيدة لهم في أثناء الإقامة، ترفع وعيهم بمحيطهم الاجتماعي.
– الفكرة الأحدث التي ظهرت هذا العام هي تطبيق روسي للهاتف الجوال، اسمه «آي أو»، يستخدم الذكاء الاصطناعي للتواصل مع المطاعم المحلية بلغتها، حول المتاح على قوائم الطعام، وإمكانية الحجز، وتوفير المعلومات بلغة مستخدم التطبيق؛ وهو يساهم في سرعة العثور على مطاعم محلية ملائمة للسياح والزوار. وهناك بالطبع كثير من المواقع الإلكترونية، مثل «يلب» و«نريب أدفايزر»، التي توفر تصنيفات للمطاعم، عبر سؤال مرتاديها ونشر النتائج على الإنترنت. ولكن التوصل إلى هذه النتائج يستغرق بعض الوقت في البحث، ويتسم ببعض الملل في البحث. وهناك فكرة مشابهة في العاصمة اليابانية طوكيو تمولها الحكومة اليابانية لموقع إلكتروني يتيح للمطاعم اليابانية نشر قوائم الطعام لديها في 12 لغة مختلفة. ويمكن طباعة هذه القوائم لكي يستوعبها الزائر، ويختار من بين المطاعم قبل زيارة المطعم المفضل. ويشكل ذلك وسيلة فعالة لتشجيع الإقبال على المطاعم اليابانية من ناحية، ومساعدة زوار المدينة من ناحية أخرى.