موفد رئاسي فرنسي إلى بيروت؟
يُخيّل لمن يُراقب الحراك السياسي أنّ الحكومة المُرتقب تأليفها، هي حكومة الدولة الفرنسية، لا الدولة اللبنانية. واللافت للنظر أن يكون المسؤولون في لبنان قد سلّموا أمرهم نهائياً لإدارة الرئيس إيمانويل ماكرون حتّى تجد لهم حلّاً لهذه المعضلة. كلّ الوساطات، والمبادرات، والمساعي التي حاولت جهات لبنانية إطلاقها، أُحبِطَت بنار الخلافات بين الرئيس ميشال عون والرئيس المُكلّف سعد الحريري. «داخلياً، الأمور مُقفلة. بات الحراك بالكامل خارجياً»، تقول أوساط رئاسة الجمهورية. وقد استفادت فرنسا من هذا الفراغ حتى تُمتّن سطوتها على القرار السياسي، ولا سيّما بعدما تنفّست الصعداء مع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وانتخاب جو بايدن خلفاً له. في كلّ تواصل بين واشنطن وباريس، تُصدر الأخيرة بياناً تُسلّط فيه الضوء على الوضع في لبنان وتفصل بينه وبين الملفّ الإيراني، على العكس من الولايات المتحدة الأميركية التي تنظر إلى لبنان كجزء من الصراع مع إيران وحزب الله. آخر الخطوات الفرنسية، هي بعثها «برسائل غير رسمية» إلى رئاسة الجمهورية، تكشف فيها عن أنّ ماكرون سيُرسل مبعوثاً رئاسياً إلى بيروت «من دون تحديد برنامج الزيارة وعناوينها، وتوقيتها»، بحسب مصادر بعبدا. كما تواصل مسؤولون فرنسيون مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لاستطلاعه حول آخر التطورات الحكومية. يُحاول الفرنسيون عدم إخماد وتيرة تحرّكهم، بل على العكس يستعجلون تأليف الحكومة، حتى يتمكّن ماكرون من العودة لزيارة بيروت.
في الإطار نفسه، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، إنّ الحزب لم يكن عقبة أمام تأليف الحكومة، مُعتبراً أنّه «إذا اتّفق الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري تُنجز الحكومة». ونفى أن يكون «الثلث الضامن قد طُرح مع أي جهة»، لذلك يجب «تدوير الزوايا ومحاولة التفاهم لمعالجة المشاكل العالقة… حزب الله ليس في موقع من يضرب على الطاولة أو يفرض شيئاً على حلفائه لأنّه غير قادر وغير مُقتنع بذلك». في حديثه إلى إذاعة النور، أمس، وصف قاسم من يربطون عرقلة تأليف الحكومة بالاتفاق النووي الإيراني والمفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بـ«الجوقة الكاذبة، هدفها تشويه سمعة حزب الله وإزاحة المسؤولية عن تقصيرها. لا إيران ولا غيرها يتدخّل مع حزب الله بموضوع الحكومة». وفي هذا الخصوص، توقّع قاسم أن «تكون الأمور أهدأ مع إدارة (الرئيس الأميركي) جو بايدن، مع استبعاد إيجاد حلول سريعة للقضايا المُعلّقة».
أما بالنسبة إلى المبادرة الفرنسية، فأشار قاسم إلى «إشارات لتفعيلها من جديد، من دون أن تتّضح معالمها»، داعياً الفرنسيين إلى التصرّف «بطريقة توفيقية وليست منحازة»، وكشف أنّ الاتصالات بين حزب الله والفرنسيين «لم تنقطع يوماً».
(الأخبار)