ارسلان للحريري: حان الوقت لتعتذر
وسط تمسّك الرئيس سعد الحريري بتأليف حكومة من 18 وزيراً، مع ما يرتبه ذلك من تخفيض لمنسوب التمثيل الدرزي الى وزير واحد، عُقد امس في دارة النائب طلال أرسلان في خلدة اجتماع روحي- سياسي لعدد من شخصيات طائفة الموحّدين الدروز، انتهى الى تحذير شديد اللهجة من التعدّي على حقوق الطائفة.
اذا كان الحريري لا يزال يصرّ على أن تتكوّن حكومته من 18 وزيراً فقط، تناغماً مع مقتضيات المبادرة الفرنسية وضرورات وجود فريق عمل منسجم وفق رأي «بيت الوسط»، الّا انّه يواجه في المقابل اعتراضاً متعدّد الأطياف وعابراً للطوائف، على قاعدة انّه لا يجوز العبث بالتوازنات والأوزان في المعادلة الداخلية، وانّ التمثيل الصحيح أهم من الترشيق العددي.
ويؤكّد أرسلان لـ»الجمهورية»، انّ اجتماع امس وجّه رسالة واضحة إلى الجميع عموماً، و»بيت الوسط» خصوصا، بأنّه من غير المقبول تحجيم الدروز واستهدافهم، اياً تكن الذرائع والمبررات.
ويعتبر أرسلان انّه لا يحق للحريري بتاتاً ان يقرر مصير الطوائف ويتحكّم بها وفق حساباته السياسية او مزاجيته الشخصية، «كأنّه الحاكم بأمره، من دون مراعاة مقتضيات التوافق والميثاقية».
ويحذّر من انّ نسبة تمثيل الدروز في حكومة من 18 وزيراً ستنخفض الى نحو خمسة ونصف بالمئة، «وهذا امر غير مسبوق، لم تواجه الطائفة مثله في حكومات ما بعد الطائف».
ويلفت ارسلان الى انّه عند تكليف الدكتور حسان دياب، «جرى طرح مسألة تشكيل حكومة من 18 وزيراً، ومع انّ الوزير الدرزي الوحيد في هذه الحالة سيكون من حصّة «الحزب الديموقراطي اللبناني» الذي اترأسه، الّا انني رفضت مثل هذه الصيغة وتمسّكت بحكومة من 20 وزيراً، لأنّها تسمح للدروز بأن يتمثلوا بوزيرين، علماً انّه كان هناك حرص على ارضاء وليد جنبلاط عبر طريقة اختيار الوزير الآخر».
وعن رأيه في موقف «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي يعتبر انّ الوزيرين الدرزيين في اي حكومة عشرينية ينبغي أن يكونا من حصته، يشدّد أرسلان على أنّ المطلوب تكريس مبدأ حصول الدروز على مقعدين، وبعد ذلك نناقش كيف يتوزعان، «لكن من حيث المبدأ، المقعد الدرزي الثاني هو من حق «الحزب الديموقراطي»، لأنّه وكما يجب أن تتمّ حماية التوازن والعدالة بين الطوائف يجب أيضاً ان تتمّ حماية التوازنات والتنوع داخل الطوائف».
ويوضح انّ الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يتفهمان موقفه، وكذلك معظم القوى المعنية بتشكيل الحكومة تدعو الى حكومة من 20 وزيراً، «انما وحده الحريري يعاند ويكابر».
وعن مردود زيارات الحريري الى الخارج، يقول ارسلان: «تيتي تيتي متل ما رحتي جيتي.. يبدو أنّ القصة طويلة وما من حكومة قريباً».
ويشير الى انّ قول الحريري بأنّه أوقف العد، هو مستفز، متسائلاً: «لماذا تربيح الجميلة على هذا النحو؟»، ويشدّد أرسلان على أنّ الضمانة في هذا المجال لا تأتي من أشخاص مهما علا شأنهم، بل هي مستمدة من الميثاقية والدستور اللذين يخالفهما الرئيس المكلّف بطريقة مقاربته لملف تشكيل الحكومة.
ويضيف: «من ناحية يقول انّه متمسك بوقف العدّ حرصاً منه على المناصفة والحقوق، ومن ناحية أخرى يحاول أن يفرض على المسيحيين ورئيس الجمهورية وزراء يرتاح إليهم هو. ما هذه المفارقة العجيبة؟».
وعن تعليقه على رفض الحريري الاعتذار حتى الآن، يعتبر أرسلان، انّه من الناحية الأخلاقية، يتعيّن على الرئيس المكلّف الذي يفشل في تشكيل الحكومة بعد مرور شهر أو شهرين على تكليفه ان يعتذر عن المهمّة، ويعطي الفرصة لخيار آخر، «فكيف اذا كان الواقع الاقتصادي والمالي مزرياً، والوقت ثمين ولا يجوز أن نهدره، عندها يصبح اعتذار الحريري اكثر من ضروري وملح، لأنّه لا يجوز ان يبقى لبنان رهينة عناد شخصي، وتكليف متعثر، فيما الأزمات تتفاقم وتتراكم على كل الاصعدة، وانا شخصيا ادعو الى تضمين الدستور مهلة محدّدة للرئيس المكلّف».
ولكن، هناك من يعتبر انّ عون يتعمد احراج الحريري لإخراجه، عبر تعقيد مهمته ووضع العراقيل أمامها، وبالتالي، فإنّ رئيس تيار «المستقبل» يرفض ان يحقق لرئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر مبتغاهما»؟
لا يوافق أرسلان على هذا الاستنتاج، لافتاً الى انّ التدقيق في الوقائع يبين انّ الحريري هو الذي يحاول إحراج عون لإخراجه من ثوابته، مفترضاً انّ العهد ضعيف حالياً ويمكنه ان يفرض عليه تقديم تنازلات.
ويؤكّد انّ رئيس الجمهورية ليس باش كاتب، مستغرباً كيف يحق للحريري ان يناقش عون في أسماء الوزراء المسيحيين ولا يحق لرئيس الجمهورية في المقابل ان يناقش الرئيس المكلّف في أسماء الوزراء السنّة.
عماد مرمل – الجمهورية