هل انقطع التواصل بينك وبين ابنك المراهق؟… اليك هذه النصائح

نشرت صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية مقالًا ضمن سلسلة مقالات تتعلق بالصحة النفسية تحت زاوية عنوانها “اسأل أناليزا باربيري” (Annalisa Barbieri)، حيث تجيب الكاتبة أناليزا عن أسئلة بعض المتابعين للصحيفة حول أمور ومشاكل تتعلق بالأسرة، وعن مشكلة عدم التواصل بين الوالدين والأبناء في العشرينيات من عمرهم.

تصف إحدى الأمهات مشكلتها مع ابنها الشاب (22 عاما) -الذي على وشك أن يبدأ عامه الثالث في دراسته الجامعية التي تدوم 4 سنوات وهو يعيش معهم في المنزل- بأنه كان دائما هادئا ومنطويا، وقبل 3 سنوات، عندما تحدته إحدى شقيقاته وسألته عن سبب امتناعه عن إخبارهم بأي شيء، اعترف بأنه كان يعاني من “القلق والشعور بعدم الأهمية”، فشعرت الأم بالحزن والعجز إزاء وضعه.

استشارة نفسية
اكتشفت الأم -هي ووالد الشاب- أن ابنهما كان يدخن الحشيش وهددت بطرده إذا لم يتوقف. وكانت هناك أوقات يخرج فيها بالكاد من غرفته، وأخرى يكون فيها وضعه أفضل. وقد جرب مضادات الاكتئاب بناء على اقتراح الأم التي طلبت منه أيضا أن يزور مستشارا نفسيا وقد فعل، وقال إن الأمر يساعده.

وتضيف أن علاقتهم ليست جيدة، رغم ذلك. وتشعر أنه يلومها على القلق الذي يشعر به، وينظر إليها بنفور. ويقول إن ذلك بسبب القلق والإحباط وأنه تعب من محاولة طمأنتها.

وتقول الأم إن لابنها علاقة مختلفة تماما مع أصغر أبنائها (17 عاما)، إذ يجد هو وأخوه بعض الأمور ذاتها مضحكة ويتحدثان عن البرامج التلفزيونية، لكنها تشعر أنه متوتر وتكون أعصابه مشدودة كلما كانت هي قريبة منه. وتؤكد أنها سألته عما يمكنهم فعله لتحسين الأمور بالنسبة له، فطلب أن تتم معاملته “بشكل طبيعي”. وقد حاولت هي ووالده معه مرارا غير أنهما حسب قولها “بتنا محبطين، لأننا لا نحصل منه على أي شيء”.

وتقول إن زوجها يستطيع أن يبتعد عن هذا الوضع خطوة إلى الوراء ويصبح أكثر استرخاء، “لكني لا أعرف كيف يمكن أن أتقدم إلى الأمام”.

تقول أناليزا للأم: “أنت تحاولين جاهدة تصحيح الوضع؛ أعتقد أنك تُسقطين الكثير من مشاعرك على ابنك، وهذا أمر مزعج جدا بالنسبة له”.

كما أن الأخصائية النفسية روث غلوفر تتساءل إذا ما كان ابنك “لا يستطيع” أو “لا يمكنه التواصل معك”. لا يستطيع لأنه مكتئب جدا أو يعاني مشاكل التعبير عن نفسه، أو لا يمكنه ذلك، لأنها طريقته لمحاولة إقامة نوع من الفصل بينه وبينك، “وهو أمر رغم أنه مؤلم ومخيف لكما معا، فإنه جزء مهم في مسيرة النمو”.

وبالنظر إلى أنه يتواصل مع الآخرين فإن السيناريو الثاني هو الأكثر رجوحا. ورغم أن الأمر مؤلم بالنسبة لك فإن هذه هي الطريقة الأفضل، باعتباره شخصا هادئا ومنطويا، قد يجد هذه الفترة الانتقالية صعبة. فهو لم يعد طفلا لكنه لا يزال يعيش في المنزل.

غلوفر مهتمة بمعرفة علاقته بأخته المراهقة، وتتساءل إذا ما كان من السهل عليه التقرب منها، “في ظل الضغوط وتطلعات الشباب بسن البلوغ، قد يكون قلقا بشأن مستقبله ويشعر أنه ليس مستعدا بعد. وقد يستغرق بعض الشباب وقتا أطول من غيرهم لتخطي هذه المرحلة”.

وتقول غلوفر إن هذه الفترة غالبا ما تكون صعبة على الآباء، الذين يشعرون بالمسؤولية والعجز عن المساعدة في الوقت ذاته، مع كثافة في المشاعر تجعل التواصل أكثر صعوبة. فتقول للأم “تعتقدين أنه لا يتواصل معك، لكنه يستمع إليك: لقد ذهب إلى الطبيب، وجرب مضادات الاكتئاب، حتى أنه ذهب للمستشار النفسي بناء على اقتراحك. هذه أشياء كبيرة وأنت ساعدتيه بالعثور عليها. لكن يتوجب عليك أيضا الاستماع له”.

وتضيف “لقد أخبرك أنه يحتاج منك أن تعامليه بشكل طبيعي. ولاحظت أيضا أنه عاد للدراسة، مما يظهر أنه يتمتع بمرونة وقدرة -لا تصدق- على المقاومة، عليك أن تبني على هذا الأمر”.

أحيانا الشاب لا يستطيع التواصل مع والدته لأنه مكتئب جدا أو يعاني مشاكل للتعبير عن نفسه (بيكسلز)
وتقول أناليزا أنها هي والأخصائية النفسية غلوفر شعرتا أن محاولته الدائمة للظهور على أنه “على ما يرام” -في حين أنه لا يدرك ما هو الخطأ- تمثل مصدر ضغط وقلق بالنسبة له. “قد يكون أيضا يحاول بألا يخيب ظنك، وهذا عبء ثقيل عليه”.

وتضيف “لقد قلتُ في الماضي إن الآباء بحاجة إلى أن يكونوا الركيزة التي يمكن لأولادهم الاعتماد عليها، ويبدو أن العكس هو ما يحدث هنا، مشيرة إلى أن رسائل الأم بتهديد ابنها مثيرة للحيرة: “إذا فعلت هذا (تدخين الحشيش) سأطردك من المنزل، لكن يا بني ما الخطأ؟ أخبرني”.

وتنصح غلوفر الأم بمحاولة إعادة الاتصال بابنها من دون التحدث عن ذلك، “ما الذي كنتما تستمتعان بفعله معا عندما كان أصغر سنا؟” وتضيف: “لكن لا تستخدمي هذا الأمر للتطفل عليه، فقط اتركي الأمور تأخذ مجراها. وتوقفي عن البحث عن الطمأنينة من خلاله”.

وتؤكد أنه يلزم الأم أيضا فصل الأشياء الخاصة بها عن الأشياء الخاصة بابنها، “إنه يتحدث إلى شخص ما لمساعدته -هل هناك أي شخص يمكنه مساعدتك؟”

وتنصح غلوفر الأم بقولها “فقط تراجعي، لأن خطواتك للأمام تجعله هو من يتراجع. نقترح أن تقولي له عبارات، مثل ’أنا هنا إذا احتجتني‘، ثم تتراجعين بعدها وتتركين له المجال ليتنفس”.

(الجزيرة)
المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى