لبنان والفوضى المناخية.. مَنْ يدفع الثمن؟
في رسالته الى مؤتمر المناخ 2022، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عما وصفه بـ”وقائع الفوضى المناخية”،بما يختص بالأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية، وسأل “من سيدفع الثمن؟”
سؤال ينبغي التوقف عنده كثيراً في إطار مقاربة الازمة اللبنانية المناخية، انطلاقا من التطورات الدراماتيكية التي تحصل على مستوى الامن البيئي والمناخي في العالم، وجنون الحروب والاستخدام المفرط للوقود الاحفوري والانبعاثات الخطيرة من جهة، والسلوك اليومي للإنسان محلياً والإدارات المعنية والفجوة بين من يريد التغيير ومن اختار أن يكون الحل بالتكيف مع الازمة البيئية كونها لا تشكل أولوية في ظل غياب الوعي الكافي للمسائل البيئية الخطيرة من جهة ثانية.
بكلام مبسط، هل من يعي في لبنان خطورة ما نعيش على مستوى الازمات البيئية؟ المؤكد انّ ثمة توجهات لزيادة الوعي مقارنة بفترات زمنية سابقة، ولبنان حضر بهيكليته الرسمية في مؤتمر شرم الشيخ للمناخ برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبمشاركة وزيري البيئة ناصر ياسين، والطاقة وليد فياض وشخصيات معنية.
وفي حديث سابق أكد ياسين أنّ لبنان يسعى للاستفادة من التمويل المناخي من خلال المشاريع التي يقدمها، و”حاضر لأن يكون لديه برنامج للتكيّف مع التغير المناخي كي يستفيد من المشاريع والتمويل الذي يساعد في تسريع عملية التأقلم”. ولكن أقرب من غلاسكو في العام المنصرم وشرم الشيخ في العام الحالي، ثمة مسألة ناقصة، تعيدنا الى النقطة الأولى وهو التصرف الإنساني والسلوكيات المدمرة التي يقوم بها بعض الأشخاص بشكل يصح فيه القول انّه لا يحمي الغابة الا سكانها ولا المياه الاّ من يشربها، ما يعني الإحساس بالمسؤولية الفردية الوطنية، التي تجعلنا نتوقف عن القيام بأدنى الممارسات التي تعود علينا بالتلوث.
سلطة اليد البشرية
ببساطة، كمن يرمي قشور البرتقال والفول من السيارة على الأرض، فتقفل المجاري وتطوف بنا شتاءً. مثال ليس لتسخيف الوضع البيئي بل أقلّه البدء بالحلول المنطقية بما يليق مع الازمة بالشكل المحلي بعيداً من المؤتمرات الكبيرة والتي غالباً تقارب المسائل على مستوى المشاكل العالمية والتغيرات الكونية. امّا في لبنان فالملف البيئي يرتبط بصلة وثيقة بسلطة اليد البشرية، كمن يقرر بعود كبريت تشعيل غابة، ويختزل المساحات الحرجية بقطع الأشجار وتجارة الاخشاب، والامثلة على ذلك تطول.
والحل لا يكون الا بإرادة وحاجة مستدامة يتقاطع عند أهميتها الجميع، كما يؤكد رئيس حزب البيئة العالمي الخبير البيئي دكتور ضومط كامل، حيث يشير الى أهمية الوعي والوعي الشبابي بالدرجة الأولى لتغيير التعامل بلا مسؤولية تجاه الملفات البيئية. ويؤكد كامل انّ الإجراءات المطلوبة اليوم، تنطلق من عناوين عدة من سياسات النقل البري والطاقة والمياه واعتماد استراتيجية جديدة للبيئة، “وأولا واخيراً إيجاد الحلول للملف المائي والثروة المائية”. هذا على مستوى لبنان، امّا على مستوى العالم وبحسب كامل فانّ كوكب الأرض تغير عما كان عليه في العام 1950، لا مشاكل ولا ملوثات او صرف صحي، وحينها لم يكن أحد يعلم انّ الأنهار ستتحول الى مجاري للصرف الصحي، “كأننا أصبح في كوكب اخر، مهددون فيه بتمدد التصحر والاحترار العالمي في المناطق التي كانت تتمتع في السابق بفصول أربعة، وفي جو تحكمه الغازات الملوثة وغيرها من الكوارث البيئية”.
الوقود الاحفوري
ويضيف كامل اليها خطورة زيادة نسبة غاز الكربون والاحتباس الحراري والتلوث في التربة، ومن هنا: “على الدول المشاركة في قمة المناخ ان يحملوا معهم الحلول وليس مجرد الانشاء والندب، بل نأمل منهم التوصل الى بناء استراتيجيات مواجهة وتحديداً في ملف استخدام الوقود الاحفوري”.
وفي لغة الأرقام، فقد وصل الاستخدام اليومي من الوقود الاحفوري الى 100 مليون برميل يومياً، بينما الرقم المطلوب استهلاكه هو 55 مليون برميل كحد اقصى، أي انّ العالم تخطى النسب المطلوبة بأشواط كبيرة، وهذا يعني انّ العالم اليوم امام استحقاق كبير، وبحسب كامل فانّ هذا المؤتمر اليوم “يضعنا امام حد فاصل بين الماضي والمستقبل، لأننا اقتربنا كثيرا من الخطر الداهم وسنكون امام نتائج وخيمة لا تحدم عقباها في المستقبل القريب”
وبتابع كامل: “فرصتان امام العالم اليوم، او الاستمرار كما نحنا عليه وتدمير الكوكب، او التوجه فوراً نحو الاستراتيجيات الفعالة للحلول، فالأبشع هو الكتيف مع الازمات، ولا حل الا بمحاربة المظاهر المناخية المتطرفة والا سينفجر فينا الغلاف الجوي”.
وعلى المستوى اللبناني، فسلة الحلول كثيرة تم طرحها على نطاق كبير، وشارك بها المعنيون في قمة المناخ في شرم الشيخ، والبدء من الحلول الصغيرة والفعالة حتما ًسيترك اثراً يبدأ أولا من وعي المواطن لقضايا البيئة، فهل من يستجيب؟
المصدر: خاص “لبنان 24”