هل تلغى امتحانات “البريفيه” بشكل نهائي.. وتتحوّل امتحانا مدرسيا “عاديا”؟
لا يختلف اثنان على ان امتحانات الشهادة المتوسطة في لبنان هي من أهم المحفزات لتطوير النظام التعليمي، كونها تمثل مبادرة قوية لتعزيز التعليم على الصعيد الوطني، كما تمكّن الطلاب من قياس مستواهم التعليمي، وتقييم مهاراتهم ومعرفتهم في مختلف المواد، من خلال وضع معايير واضحة ومحددة. فوق ذلك، تساهم في رفع معدل الجودة في التعليم، وتحمّس التلاميذ والاسرة التربوية على العمل الجاد والتحصيل العلمي، وتساعد في رصد نواحي التحسين وازدهار العملية التعليمية، لتحقيق التغيير والتقدم المستدام.
الى جانب ذلك، تلعب امتحانات الشهادة المتوسطة في لبنان دورا هاما، حيث تسمح للمعلمين وأولياء الأمور والمسؤولين التعليميين، بتقدير مدى مهارة الطلاب من ناحية فهم المنهج واستيعابه. كما تسهم في تحديد قيمة تحصيلهم، والاستدلال على النقاط التي يحتاجون إلى تكريسها. لذلك، فان هذا التقدير يعمل كتوجيه لمدراء هذه المؤسسات، لتحديد الأهداف وبناء استراتيجيات تعليمية، تساعد في تنمية تجربة التعلم وترسيخ النتائج الأكاديمية.
منافع نفسية واجتماعية
في موازاة ذلك، أوضح مصدر في وزارة التربية لـ “الديار” ان “امتحانات الشهادة المتوسطة تعود بفوائد نفسية واجتماعية مهمة على الطلاب، وتزيد الثقة بالنفس والاعتزاز بالنجاح والتحصيل العلمي، كما تعتبر فرصة للتألق وإظهار قدرات هؤلاء ومهاراتهم. وبالتالي، تدعم التواصل الاجتماعي بين الطلاب والمدرسين، وتقوي الشعور بالانتماء والاندماج في المجتمع التعليمي. ومن الممكن أن تؤثر إيجاباً في رغبة التلاميذ في مواصلة التعليم العالي، واستكمال تخصصهم وانماء مستقبلهم الوظيفي”.
أضاف “اما بالنسبة للأخبار المتداولة عن الغاء امتحانات البريفيه بشكل كلي، فهذا ليس واردا اقلّه راهنا، بغض النظر عن الآراء المتباينة بشأن هذه المسألة. لان هذا الامتحان وفقا لتربويين كثر نهائي، ويُعتبر مهم جدا لأنه يحدد مستقبل الطلاب الأكاديمي، حيث تؤثر نتيجته في امتحانات القبول في الجامعات والكليات”.
امتحان هذه السنة مختلف!
من جهته، أكد عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار” ان “مجلس الوزراء ابطل امتحانات الشهادة المتوسطة لهذا العام خلال جلسته التي عقدت بتاريخ 4/4/2024 ، وتم الاستعاضة عنها بامتحان وطني موحد يجري في احرام المدارس الخاصة والرسمية، وتتولى وزارة التربية وضع الأسئلة وتحديد معايير التصحيح، على ان تصل في نفس يوم الاختبار الى المدارس. هذا في ما يتعلق بالشهادة المتوسطة، اما بالنسبة الى فروع العلوم والانسانيات والاجتماع والاقتصاد، فالامتحانات تُنجز بشكل طبيعي دون أي عائق او حذف دروس باستثناء الجنوب”.
واشار الى انه “إذا عدنا 3 سنوات الى الوراء، فنجد ان امتحانات الشهادة الرسمية التي كانت تُقام في المراكز على صعيد الاقضية والمحافظات في كل لبنان، قد استُبدلت بإفادات لـ 3 مرات متتالية. لكن اليوم وللمرة الأولى يحصل امتحان وطني موحد على كافة الأراضي اللبنانية عوضا عن الافادات”. ولفت الى “ان الإفادة أعطيت للمرة الأولى في العام 2014 بسبب اضراب الأساتذة، ومنحت في العام 2020 خلال انتشار جائحة كورونا، بينما المرة الثالثة كانت في العام 2021 بداعي التعليم عن بُعد، بيد ان المرة الرابعة ستكون في العام 2024، وبدلا من منح الافادات ستُنفّذ امتحانات وطنية، على ان يخضع كل ممتحن للاختبار في مدرسته الاصلية مكان تسجيله”.
الغاء “البريفيه”… على الطريق!
واعتبر سعد “ان قرار حلّ الشهادة المتوسطة يتطلب قانونا من مجلس النواب، وهذه الامتحانات يستعاض عنها اليوم، اما بمراسيم او افادات كما كان يحصل في الأعوام المنصرمة. وحاليا استُبدلت بمرسوم من اجل اجراء امتحان وطني لجميع الطلاب”. أضاف: “أي امر يمس امتحانات الصف التاسع كإلغاء الشهادة الرسمية، يعتبر صراحة مؤامرة بكل ما للكلمة من معنى، وهذا يضرب مستوى التعليم بشكل عام والرسمي على وجه الخصوص، لان الشهادة الوطنية أولوية للطلاب”.
وتابع “يمكن رؤية نتائج حذف “البريفيه” التي قد تترتب على كافة المستويات سواء في الرسمي او الخاص، ونستنتج ان هكذا قرار لا يمكن ان يكون الا بمثابة عمل متسرّع محكوم عليه بالفشل. وإذا حلّلنا كل الإشكاليات والهواجس في حال توقيف امتحانات الشهادة المتوسطة بقانون على صعيد لبنان كله، فساعتئذ نكون امام مشكلة كبيرة. لذلك يتوجب تجهيز دراسة موضوعية ومنطقية ومنهجية لإيجاد البديل هذا من حيث الشكل.
اما من جهة المضمون، فالسؤال البديهي بماذا يُستعاض عنها؟ يجيب “هذا الامر ان حصل فحتما يؤدي الى تزايد الفساد التربوي في بعض المدارس، والوضع ينقلب من سيء الى أسوأ، الى جانب ترفيع الراسبين ومن ثم انتقالهم الى المرحلة الثانوية، وعندئذٍ لا يمكن تقييم مستوى الطالب الا وقت اجراء الامتحانات الرسمية او عند دخوله الجامعة”.
واستكمل “الأفضل من تعطيلها تأمين مستلزمات تطوير المناهج لمواكبة العالم التربوي المعاصر من خلال سمات وكفايات المتعلم، حتى يكون هناك عملية مقاربة موضوعية للمواد التعليمية ، واسس تقويم الامتحانات الرسمية والأنشطة والتجهيزات الصفية، وهذا اربح من العمل على إيقاف الامتحانات. اما الاتجاه الثاني فيتمثل بتأدية الامتحانات الرسمية وحصرها ببعض المواد التي تشكل ركيزة أساسية لعملية التعلم، وهذا يستوجب اعداد مناهج مستحدثة وابتكار هيكلية تعليم جديدة”.
المضامين حددت!
وأكد “ان المضامين المطلوبة التي كانت تسربت من المركز التربوي، يفترض ان تصدر عن الأخير بقرار من وزارة التربية”، واشار الى “ان هذه التسريبات صحيحة بنسبة 90%، وكانت تقررت من بعد قيام المركز التربوي بعملية إحصاء شملت كافة المدارس اللبنانية والثانويات، لمعرفة المرحلة التي وصل اليها الأساتذة في المناهج المفروضة. طبعا هذا جاء بعد اجتماع ضم الوحدات الإدارية والوحدات التربوية الخاصة بالبرامج للشهادة المتوسطة والثانوي. ورأى المعنيون ان هناك ضرورة لتقليص المنهج، الذي هو في اغلب الحالات عبارة عن بعض الكفايات بدروس غير مطلوبة او الغائها اقله للعام الدراسي الحالي واختزال بعض الدروس، والحد الأقصى يتراوح كما رأيت بين درس او اثنين وكفاية او كفايتين”.
وأشار الى “ان اعتداءات العدو الإسرائيلي المستمرة منذ أشهر على مناطق الشريط الحدودي، منعت الأساتذة والمدارس وبعض المحافظات والاقضية من انهاء المناهج. وبما ان الامتحانات للثانويات ستجري على صعيد لبنان، فالامتحان يجب ان يكون موحدا، على الا يكون هناك طالب قد حصل على كفاية وآخر لا ، لتحقيق المساواة والعدالة”.
وختم “انطلاقا من كل هذه القضايا اتى هذا الاختصار حتى يخفف عبء هذه المشكلات والصعوبات في وضع وطرح الأسئلة. ومن المرجح ان تصدر هذه الاختصارات للمناهج بكافة المراحل عبر وزارة التربية. وكان مركز البحوث والانماء قد رفع هذه التوصية للوزارة وسيكشف عنها خلال هذا الأسبوع”.
ندى عبد الرزاق – الديار