جلسة الأربعاء ستؤكد المؤكد… لا صفقة ولا رشوة ولا توطين
في تاريخ 3 تشرين الثاني من العام 2022 عقد مجلس النواب جلسة خُّصصت لتلاوة رسالة الرئيس السابق ميشال عون المتعلقة باستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وانتهت بإصدار توصية قضت بمضي الحكومة قدما بمهامها وفق الأصول الدستورية، وهي لا تزال حتى الساعة تقوم بمهامها المحدّدة لها بالدستور، ووفق ما تفرضه الظروف القاهرة، التي تمرّ بها البلاد، وبالأخص في ما يتعلق بملف النازحين السوريين في ضوء الهبة الأوروبية، التي أُعطي لها أكثر من تفسير مجافٍ للحقيقة وكأن المقصود بالحملة، التي شنّها البعض ضد رئيس الحكومة بالتحديد، التصويب على مطالباته المتكررة بمعالجة هذا الملف وتداعياته بعيدًا من الشعبوية والمواقف المستفزة، التي لن ينتج عنها سوى المزيد من التشنج وضخ كمية من الحقد والكراهية. وهذا ما لا يحتاج إليه لبنان اليوم، وهو يواجه أكبر خطرين آتيين إليه عبر حدوده الجنوبية والشرقية والشمالية، وإن كانا غير متساويين في التشبيه.
وكما فعل مجلس النواب في ذاك التاريخ عندما منح حكومة تصريف الأعمال ثقته من جديد حين قرر تأكيدالمضي قدمًا بقيام رئيس الحكومة بمهامه وفق الأصول الدستورية “باعتبار أن أي موقف يطال هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلا دستوريا ولسنا بصدده اليوم … وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات”، كذلك سيفعل في جلسة الأربعاء لجهة حسمه الجدل السياسي القائم في البلاد حول الهبة الأوروبية، التي وصفها البعض، زورًا، بأنها رشوة لإبقاء النازحين السوريين حيث هم. وهذا ما نفاه الرئيس ميقاتي أكثر من مرّة، وسيعيد نفيه في الجلسة العامة للمجلس، وسيدحض بالوقائع والوثائق مزاعم البعض، الذي يصوب اليوم سهامه إلى صدر الحكومة، وذلك لتغطية عجزه عن القيام بما كان مطلوبًا منه القيام به يوم كانت السلطة في يده إلى حدّ التواطؤ حين رفض الحلول القائمة على تنظيم هذا الوجود كما هو حاصل في الأردن وتركيا، متقصّدًا ترك الأمور كما هي من دون تقديمه أي حل عملي للحدّ من مفاعيل سلبيات هذا النزوح.
ما سيقوله الرئيس ميقاتي في جلسة الأربعاء سبق أن أعلنه في أكثر من مناسبة. فموقفه واضح ولا لبس فيه، وهو أن الحكومة ترفض رفضًا جازمًا، وباسم الشعب اللبناني، أن يكون لبنان وطنًا بديلًا لا للنازحين السوريين ولا لغيرهم، وهي تتمسك بسيادته كاملة على كل شبر من أراضيه، مع رفضها المطلق كل الاغراءات لإبقاء الوضع على حالته الفوضوية، مع إصرارها على أن تأتي المعالجات في شكل علمي وموضوعي وواقعي عبر التفاهم العقلاني بين الحكومة ومجلس النواب من جهة وبين السلطات السورية ومفوضية الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، مع التشديد على أن أي معالجة خارج هذا الاطار المثلث الأضلع هو مضيعة للوقت وذر الرماد في العيون.
وبغض النظر عن “عنزة البعض ولو طارت” فإن ثمة معطيات تؤكد أن جلسة الأربعاء ستكون إيجابية نسبيًا، مع محاولة هذا البعض استثمار هذه القضية لتغطية تقصيره أولًا، ولكي يظهر ثانيًا بأنه هو الوحيد “حامي الحمى”. ومن بين الإيجابيات أن ثمة من يتحرّك في الكواليس حتى تأتي التوافقات النيابية منسجمة مع التوجهات الحكومية تُترجم بالخروج بموقف توافقي هو أقرب ما يكون الى اجماع أو شبه اجماع على ملف بهذه الخطورة.
ما قاله الرئيس ميقاتي لدى استقباله وفد “تكتل لبنان القوي” أزال الكثير من الأفكار الملتبسة، إذ أبلغه بأن ما يحكى عن اتفاق هو أمر غير صحيح وليس هناك أي ورقة تم توقيعها مع الأوروبيين، وكل ما في الامر أنه تم اعلان اوروبي عن هذه الهبة”. وهذا ما يؤكد أن الانسان بطبعه عدو ما يجهل.
فلا صفقة تقف خلف الهبة الأوروبية ولا رشوة ولا توطين.
المصدر: خاص “لبنان 24”