كلام السيد نصرالله يضع النقاط على الحروف
عادة لا يتحدّث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن أي موضوع إلا ويكون قد إستقى معلوماته عنه من أكثر من مصدر، وذلك حرصًا منه على صدقية ما يقول وما يتخذه من مواقف تكون في غالب الأوقات محطة أساسية في تصويب البوصلة، خصوصًا ما يتعلق بالصراع القائم بين لبنان والكيان الغاصب من مختلف جوانبه. أمّا ما ذهب إليه هذه المرّة بالنسبة إلى إتهام رؤساء الحكومات السابقين بأنهم هم من كانوا يريدون أن يسمّوا جميع الوزراء في محاولة للإنقلاب على الأكثرية النيابية، ففي هذا القول الكثير من المعلومات الناقصة أو المغلوطة، التي أرُيد إيصالها إلى الرجل، بغض النظر عن صحتها، وكأنه أراد من خلال التصويب على ما أسماه “نادي” رؤساء الحكومات السابقين أن يعطي تبريرات لتعطيل المبادرة الفرنسية، التي وافق على 90 في المئة منها، من دون أن يحدّد ما هي الـ 10 في المئة التي لم يوافق عليها. ولكي لا يضيع المتابعون في متاهات المواقف والمواقف المضادة لا بدّ من وضع النقاط على بعض الحروف لكي لا تضيع حقيقة الأمور في الزواريب السياسية.
أولًا، صحيح أن رؤساء الحكومات السابقين هم من إقترحوا الدكتور مصطفى أديب لتكليفه بمهمة تشكيل حكومة جديدة، وهو حق طبيعي لا جدال فيه، والدليل ان تسعين نائبًا وافقوا على هذا الإختيار، بمن فيهم النواب الذين ينتمون إلى الثنائي الشيعي، وقد رأى الجميع، حتى الذين لم يسمّوا أديب، أن هذه التسمية كان من الممكن أن تشكل فرصة لخروج لبنان من أزماته، أو على الأقل بداية حقيقية لهذا الخروج.
ثانيًا، بعد التسمية لم يتدّخل الرؤساء السابقون في عمل الرئيس المكّلف الذي حدّد لنفسه منذ اللحظة الأولى لتكليفه المهمة التي إنتدب من أجلها، وهي التي أملت عليه الطريقة التي رأها أكثر من ملائمة وإنسجامًا مع تطلعاته، بغض النظر عن صوابية هذا الأمر او عدمه، مع التأكيد أن الرئيس أديب إعتبر أن كل التجارب السابقة في تشكيل الحكومات لم تؤد سوى إلى الفشل وإلى إغراق لبنان في كمّ هائل من الأزمات والمشاكل التي لا حصر لها.
ثالثًا، عندما شكّل “حزب الله” حكومة حسّان دياب شكّلها من لون سياسي واحد، من دون أن يستشير الآخرين، الذين لم يكن لديهم فيها ولو وزير واحد، ومع هذا كله لم يقل أحد لـ”حزب الله” “ما أحلى الكحل بعينك”، ولم يبدِ أي طرف خوفه من أن تقود حكومة “اللون الواحد” لبنان إلى حيث لا يرغب معظم اللبنانيين في الوصول إليه، ومع هذا فإن الحكومة، التي هي الآن بحكم تصريف الأعمال، أغرقت لبنان في مأزق غير محمود النتائج مع صندوق النقد الدولي مثلًا.
رابعًا، يقول السيد نصرالله أن “نادي” رؤساء الحكومات السابقين هو من تولى المسؤولية منذ العام 2005 حتى ما قبل حكومة دياب، وهم يتحمّلون القسم الأكبر من مسؤولية وصول البلد إلى ما وصل إليه.
فقط من قبيل إنعاش الذاكرة لمن خانته أنه في خلال الحكومات المتعاقبة كان “حزب الله” وشركاؤه في الحكومات المتعاقبة يصرّون على الحصول على الثلث المعطّل، وهم كانوا في هذه الحكومات الأكثرية المعطلة. وأكبر دليل إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري بواسطة ؟الوزير الملك”.
خامسًا، إذا كانت الأعراف في تشكيل الحكومات منذ العام 2005 حتى يومنا هذا خاطئة فهل من الضروري الإستمرار فيها على “عماها”، واين مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأين مبدأ المراقبة والمساءلة والمحاسبة من قبل مجلس النواب لإعمال الحكومة؟
سادسًا، لم تتطرق المبادرة الفرنسية إلى تفاصيل التفاصيل في ما خصّ طريقة تشكيل الحكومة، بل حصرت مبادئها في الخطوط العريضة لعملية الإصلاح بمفهومها الشامل.