أزمات كورونا تتفاقم.. شركات خليجية بين تسريح وتخفيض أجور
بدأت آثار وباء فيروس كورونا المستجد المنتشر في أنحاء العالم منذ عدة أشهر تظهر بشكل أكبر، خصوصاً بما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والتجارية.
وتسببت جائحة كورونا بدفع حكومات العالم لاتخاذ تدابير احترازية لإيقاف تفشي الفيروس ما أدى في المقابل لتعطل حركة الاقتصاد وإيقاف حركة الطيران والمطارات.
وكانت الشركات الخليجية قد تأثرت بشكل جلي بسبب إجراءات الإغلاق، التي ساعدت في المحافظة على أقل عدد وفيات بدول الخليج، بالإضافة لانخفاض أعداد الإصابات مقارنة بغيرها من دول العالم، كما ارتفعت أعداد حالات الشفاء من الفيروس.
قطاع الطيران
واضطرت عدة شركات خليجية وعاملة في دول مجلس التعاون إلى التوجه لتسريح عدد من العمال من أجل متابعة تقديم خدماتها واستمرارها في عملها.
ويظهر أن أكثر الشركات تأثراً هي العاملة في قطاعات الطيران والسفر والضيافة والسياحة في عموم الخليج.
وكانت أول شركة تنحو إلى تسريح بعض عمالها هي “العربية للطيران” الإماراتية، مؤكدة أنها سابقة تعد الأولى من نوعها في مسيرتها التشغيلية.
وأشارت، ببيان في 5 مايو الجاري، إلى أنه “نتيجة للواقع الراهن الذي يشهده السوق، اضطررنا مع الأسف إلى اتخاذ القرار بتسريح عدد محدود من موظفينا هذا الأسبوع”.
الخطوط الجوية القطرية رغم أنها استمرت في تقديم خدماتها عبر عدة وجهات، واستمرت رحلات الشحن الجوي لديها من دون انقطاع، فإن الأزمة أكبر من جميع الشركات فيما يبدو، فقد نحت هذا المنحى أيضاً.
وقال الرئيس التنفيذي للناقلة القطرية، أكبر الباكر، في مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، 4 مايو 2020: “للأسف، سيتعين علينا خفض نحو 20% من قوة العمل”.
ووصف الباكر قرار الخفض بأنه “شديد الصعوبة”، مؤكداً أن الخطوط القطرية “لا تملك بديلاً آخر”.
وبالطبع يعد وضع “القطرية” من أفضل شركات العالم في ظل استمرارها بعملها، وإن كانت بالحد الأدنى، ما ساعد أكثر من مليون مسافر على العودة إلى بلدانهم خلال الشهرين الماضيين.
بدورها، قامت شركة “طيران الإمارات” المملوكة لحكومة دبي بخفض الرواتب الأساسية “مؤقتاً”، بنسب تراوح بين 25% و50% لغالبية العاملين فيها، ثلاثة أشهر، من دون إلغاء الوظائف.
إلا أن الخفض لم يكن كافياً لدى الشركة، ما اضطرها، في 17 مايو الجاري، إلى دراسة تسريح نحو 30% من موظفيها.
وذكرت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أن شركة “طيران الإمارات” تخطط للاستغناء عن نحو 30 ألف وظيفة لخفض التكاليف في ظل جائحة “كورونا”.
وأوضحت متحدثة باسم “طيران الإمارات” أن الشركة لم تصدر حتى الآن أي إعلان عام بشأن الاستغناء عن العمالة، لكنها تجري مراجعة للتكاليف والموارد مقابل توقعات الأعمال، وفق الوكالة.
وفي ظل ذلك قامت شركة “دناتا” لخدمات المطارات (تتبع لمجموعة الإمارات) بتسريح بعض الموظفين، ومنحت آلاف الموظفين إجازة غير مدفوعة الأجر، بحسب وكالة “رويترز”.
وأعلنت دناتا، التي توظف 45 ألفاً حول العالم في قطاعاتها لخدمات المطارات والسفر، الشهر الجاري، انخفاض الأرباح السنوية 57% بعد أن قوضت الجائحة الطلب على السفر.
وقد استعرض اتحاد النقل الجوي الدولي “أياتا” تراجع إيرادات شركات الطيران في منطقة الخليج، فقد لفت إلى تراجع إيرادات شركات الطيران السعودية إلى نحو 3.1 مليارات دولار، إضافة إلى أن 140 ألفاً و300 وظيفة ستكون معرضة للخطر.
شركات الطيران الإماراتية أيضاً يرجح أن تتراجع إيراداتها إلى 2.8 مليار دولار، في الوقت الذي ستكون 163 ألف وظيفة معرضة للخطر.
وسيكون أكثر من 5100 عامل بخطر فقدان الوظيفة في شركات الطيران البحرينية مع خسائر تصل إلى 204 ملايين دولار.
ولم تكن الكويت أفضل حالاً من أي منهما، فمن المتوقع أن تتراجع إيراداتها لقرابة 547 مليون دولار، كما ستكون أكثر من 19 ألف وظيفة في خطر.
الأمر ينطبق أيضاً على شركات الطيران في سلطنة عُمان، إذ إن إيراداتها ستتراجع إلى 328 مليون دولار، وسيشهد القطاع فقدان قرابة أكثر من 36 ألف موظف أعمالهم.
قطاعات أخرى
ولم يكن قطاع الطيران هو الوحيد المهدد بتسريح عدد من موظفيه وعماله من أجل المحافظة على سير الأعمال في الشركات الخليجية.
حيث ذكرت وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة، أن مجموعة بن لادن السعودية (عاملة في قطاع البناء والتشييد) خفضت آلاف الوظائف وقلصت رواتب موظفيها بنسبة 30 و70%.
وأضافت المصادر أن الآلاف من موظفي الشركة سُمح لهم بإجازات غير مدفوعة الأجر أو أحيلوا إليها، بخاصة أولئك الذين كانوا يعملون بمواقع إنشاء في الأماكن المفتوحة، وفي الأماكن التي يعرقل فيها تفشي فيروس كورونا العمل.
كما تأثرت كبرى الشركات السعودية بالوباء والإجراءات الصادرة بسببه، حيث عدلت وكالة التصنيف الائتماني “موديز” النظرة المستقبلية إلى سلبية لشركات “أرامكو، وسابك، والاتصالات السعودية، وكهرباء السعودية”.
وحسب تقرير الوكالة الصادر يوم 8 مايو 2020 فإن تعديل نظرتها للشركات يعود لارتباطهم بالحكومة، ومن ثم غيرت نظرتها المستقبلية لهم بعد أن عدلت نظرتها للسعودية إلى سلبية.
وسبق أن سمحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بخفض الرواتب في القطاع الخاص إلى 40% لمدة ستة أشهر، مع إمكانية إنهاء العقود بعد ذلك، في ظل جائحة كورونا.
من جهتها، أعلنت شركة “كريم” (مقرها دبي)، التابعة لشركة “أوبر تكنولوجيز” الأمريكية، في 4 مايو 2020، أنها ستسرح 536 موظفاً، يشكلون 31% من قوة العمل لديها بعد تراجع أعمالها بنحو 80% بسبب جائحة كورونا.
وفي دبي أيضاً، كشفت وكالة “بلومبيرغ للأنباء”، في أبريل الماضي، أن شركة إعمار العقارية قررت خفض رواتب العاملين في جميع أنشطتها وتشمل جميع المستويات والكيانات التابعة للشركة وحتى إشعار آخر.
ووفقاً للوكالة فإن الإجراءات تشمل اقتطاع راتب رئيس مجلس الإدارة بنسبة 100%، والإدارة العليا بنسبة تخفيض 50%، والإدارة المتوسطة بنسبة 40%، والموظفين الصغار بتخفيض بنسبة 30%.
والتسريح طال العديد من الشركات الكويتية الخاصة أيضاً، مثل مجموعة “الشايع”، التي أبلغت موظفيها، في منتصف أبريل الماضي، أنها أنهت خدماتهم في جميع العلامات التجارية التابعة لها في الوقت الراهن.
وتضررت قطاعات كبيرة في القطاع الخاص بعموم دول الخليج من قرار الغلق، مثل المقاهي والصالونات النسائية والرجالية والمجمعات الترفيهية ومراكز صيانة السيارات ومحال بيع الملابس التي تعمل بها العمالة الوافدة ذات الأجور المتدنية، وهو ما دفع السلطات لتخفيف القيود لإنعاش الاقتصاد مجدداً.