كيف نجحت دول الخليج في مواجهة “كورونا”؟
أثبتت دول الخليج أنها وفرت أفضل الإمكانات واتخذت السبل الصحيحة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، وهو ما جعلها تحجز مكاناً متقدماً بين الدول الأفضل عالمياً في مواجهة الفيروس الذي أصاب أكثر من 3 ملايين شخص وأودى بحياة أكثر من 300 ألف حول العالم.
هذا ما كشف عنه “ديب نولج كروب” وهو مركز أبحاث بريطاني، معروف اختصاراً بـ(DKG)، في تصنيف ضم أكثر من 100 دولة في العالم من حيث فعاليتها في التعامل مع الفيروس.
وجاءت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً والـ18 عالمياً بين الدول الأكثر كفاءة في تحقيق الأمن الصحي خلال الجائحة.
واحتلت الكويت المرتبة الثانية عربياً والـ24 عالمياً، تلتها دولة قطر التي جاءت في المرتبة الثالثة عربياً والـ27 عالمياً، ثم سلطنة عمان التي حلّت في المرتبة الرابعة عربياً والـ37 عالمياً.
استعدادات مبكرة
مع بدء ظهور الفيروس في مدينة ووهان الصينية، أواخر ديسمبر الماضي، بدأت الإمارات استعداداتها الطبية والوقائية المبكرة واتخاذ جميع التدابير اللازمة.
ومع بدء انتشار الفيروس أوروبياً بشكل غير مسبوق، وتصنيفه من قبل منظمة الصحة العاملية كوباء، ولضمان سلامة وصحة المواطنين والمقيمين على أرضها رفعت الإمارات سقف الإجراءات الوقائية والاحترازية، واعتمدت العديد من الخطوات النموذجية.
كان على رأس الإجراءات تعليق الرحلات الجوية لبعض الدول التي شهدت ارتفاعاً في عدد المصابين بالفيروس.
تضمنت الإجراءات الاحترازية تفعيل العمل عن بُعد لبعض الفئات، وتعليق الدراسة وتعزيز التعلم عن بُعد، وتأجيل الفعاليات، وإغلاق الأماكن الترفيهية والسياحية.
إضافة إلى إرساء خطة تعقيم وتنظيف لوسائل النقل العام والمدارس والفضاءات العامة والمساجد.
ووفرت وزارة الصحة المستلزمات الطبية والوقائية بجانب الكوادر الطبية ذات الكفاءة العالية، وقامت بتوزيع الدليل الطبي على المنشآت الصحية والحكومية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى كالتعليم والمنافذ والسياحة.
وجرى توفير غرف العزل في جميع مستشفيات الدولة، فضلاً عن وضع أجهزة الكشف الحراري على جميع منافذ الدولة الجوية والبرية والبحرية.
متابعة تطورات الفيروس
آخر الإجراءات الصحية التي اتخذتها الكويت في مواجهة الفايروس كانت في 9 مايو الجاري، إذ أكد وزير داخليتها، أنس الصالح، أن الحظر الشامل يمثل “المرحلة الأخيرة في احتواء فيروس كورونا، قبل العودة إلى الحياة تدريجياً”.
وأوضح أنه ستبدأ الحياة بالعودة تدريجياً نهاية مايو، حيث ستكون السلطات الصحية قد انتهت من إجراءاتها الصحية بخصوص الفيروس.
بدورها فإن وزارة الصحة الكويتية قالت في وقت سابق إنها، بالتنسيق مع الهيئات والجهات المعنية في الدولة، اتخذت الإجراءات الاحترازية الضرورية اللازمة، وفقاً للتوصيات العلمية والشروط والمعايير المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.
وذكرت أنها أجرت مسوحات للكشف عن الفيروس باستخدام الكواشف الفيروسية المعتمدة للكشف عن فيروس كورونا.
وفي فبراير الماضي، كلفت الحكومة الكويتية فريقاً برئاسة وزير الصحة وعضوية ممثلين من عدة وزارات وجهات عامة بمتابعة تطورات فيروس كورونا واتخاذ كل الإجراءات والتدابير والخطوات اللازمة للحد من انتشاره في البلاد.
واشترطت أن يكون هذا الفريق في حالة انعقاد دائم لتولي متابعة آخر مستجدات انتشار المرض على المستويين المحلي والخارجي، وتوفير كل المستلزمات والأدوية الوقائية والعلاجية.
وأكد مجلس الوزراء الكويتي متابعة تطور انتشار الفيروس بشكل مستمر ودائم، وعدم التهاون باتخاذ أي إجراء يستوجب حماية المواطنين والمقيمين بالكويت.
نظام صحي متطور
في قطر، على الرغم من أن عدد المصابين كبير، فإن “90% من المصابين صحتهم جيدة ولا توجد لديهم أي أعراض”؛ بحسب ما ذكر أحمد المحمد، رئيس قسم العناية المركزة في مؤسسة حمد الطبية بالوكالة.
ويعتبر النظام الصحي في قطر، والخطة الاحترازية التي اتخذتها السلطات الحكومية، سبباً في جعل هذا البلد الخليجي يقف في مصاف دول العالم التي تتعامل بفاعلية في مواجهة الفيروس.
تقول وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن نظام الرعاية الصحية القوي في قطر، واتباع تقنيات حديثة في إجراء الفحوصات المخبرية بشكل مكثف على المصابين والمخالطين مكّن من اكتشاف الحالات المصابة مبكراً.
يُضاف إليه قدرة قطر على التعامل مع الأزمة بحرفية عالية من خلال توفير المستشفيات المجهزة بأحدث الوسائل وتوفير الرعاية الطبية اللازمة، بحسب الوكالة، التي أشادت أيضاً بخطة السلطات القطرية في تكثيف الفحوصات وجاهزية وحدات العناية المركزة.
وذكرت الوكالة أن دولة قطر تعتبر من أغنى دول العالم، لذلك تمكنت من توفير كل الإمكانيات اللازمة لمكافحة الوباء، وذلك من خلال أفضل وأحدث أنظمة الفحوصات المخبرية الخاصة بفيروس كورونا وتوفير المستشفيات والأسرّة الكافية لاستقبال الحالات المصابة.
وتعتقد رينا ماكلانتاير، أستاذة الأمن البيولوجي العالمي في جامعة نيو ساوث ويلز، أن نسبة الوفيات المنخفضة في قطر يمكن تلخيصها في ثلاثة أسباب؛ وهي: “الفحوصات المخبرية، وعمر السكان، والطاقة الاستيعابية لوحدة العناية المركزة”.
وأردفت بأن الدول التي تجري اختبارات كثيرة تكتشف المزيد من الحالات الخفيفة المصابة بالفيروس، موضحة: “لذلك سيكون لديها معدل وفيات أقل”.
أوامر عليا
السلطان هيثم بن تيمور آل سعيد، وفي سبيل مكافحة انتشار الفيروس في سلطنة عُمان، أمر بتشكيل لجنة عليا مُكلفة بالتعامل والاستجابة للتطورات الناتجة عن تفشي المرض في البلاد.
وأوقفت اللجنة إصدار التأشيرات السياحية لمواطني جميع الدول، ومنعت دخول السفن السياحية إلى موانئ الدولة.
بالإضافة لذلك جرى إلغاء جميع الأحداث الرياضية، في حين اقتصر حضور المحاكم على الموظفين الأساسيين، مع سلسلة إجراءات تتعلق بالمطاعم والمقاهي ومراكز التسوق تحد من انتشار الفيروس.
وجرى وضع جميع الوافدين في الحجر الصحي وإغلاق المتنزهات والحدائق العامة، وحظر التجمعات الاجتماعية، واتخاذ الإجراءات المناسبة حيال المخالفين.
ومن بين الإجراءات البارزة جرى إغلاق قاعات خدمات المراجعين في جميع المؤسسات العامة والخاصة، واستبدالها بالخدمات الإلكترونية ما أمكن.
وشملت الخطوات أيضاً وقف الطباعة الورقية للصحف والمجلات والمنشورات بمختلف أنواعها ومنع تداولها، ومنع بيع وتداول الصحف والمجلات والمنشورات التي تصدر خارج السلطنة.
وحثت اللجنة العليا للتعامل مع “كوفيد 19”، في بيان لها، القطاع الخاص على استحداث آليات مناسبة للعمل عن بُعد، وتقليل تجمعات العمال والموظفين في أثناء العمل.
ويواصل فيروس كورونا تسجيل الإصابات بين سكان دول الخليج، وتفيد البيانات الحكومية بأن سبب الإصابات يعود لعدم تقيد السكان بالإجراءات الاحترازية.