أفكارطريفة وراء مشاريع سياحية ناجحة
في دول البحر المتوسط التي تعد من أفضل الوجهات السياحية خاصة المدن الساحلية تصطف الفنادق الفخمة على الشواطئ، كانت تعج قبل سنوات بالمصطافين والسياح، لكنها باتت اليوم عبئا ثقيلا على أصحابها وعلى المدن أيضا بعد أن اتجه الناس إلى أنواع كثيرة من السياحة، كسياحة المغامرة والسياحة البيئية والثقافية، البعض الآخر ممن اعتاد أن يبحث عن المختلف، صار يبحث عن رحلات طريفة، لذلك نحتاج اليوم في الدول العربية إلى أفكار ومشاريع سياحية طريفة مع الترويج لها بشكل يجذب السياح.
تونس – منذ ما يقرب من ألف عام، كانت “أوكسفورد مالميزون” قلعة تحوّلت في ما بعد إلى سجن أكسفورد الذي بقي على حاله حتى عام 1996، ليصبح في فترة لاحقة أحد أفخم الفنادق، ويوفر لضيوفه معاملات من صنف الـ4 نجوم.
وعلى عكس السجانين، فإن الموظفين ودودون، وعلى استعداد دائم للمساعدة في حجز الجولات السياحية والنشاطات الترفيهية في المدينة.
وحوّلت اسكتلندا معتقلا نازيا سجن فيه الجنرال رودولف هيس نائب الزعيم النازي أدولف هتلر إلى جانب الآلاف من الجنود الألمان إلى فندق من 4 نجوم، يضم أجنحة فاخرة وعددا كبيرا من الغرف الفندقية.
وأصبح بمقدور النزلاء الإقامة في نفس الأكواخ التي أقام فيها هيس وجنوده الذين تم أسرهم من قبل الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.
هناك أيضا، سجن بلمربايس في العاصمة الهولندية أمستردام، والذي تحول إلى فندق “موفمنت”، وفيه يعيش النزلاء تجربة فريدة تتعلق بتاريخ السجون لكن بصيغتها الفاخرة، هناك يجدون كاميرات مثبتة في المصاعد وأسلاكا شائكة، ومع ذلك فهم يحظون بكافة المعاملات التي يتوقعونها في أي من الفنادق السياحية.
وقبل ذلك، وفي 2012، قامت إحدى الجمعيات الخيرية بشراء أحد السجون العائمة في أمستردام، وقامت بتحويله إلى فندق عائم.
وفي فنلندا، كان فندق كاتاجانوكا مركزا لاحتجاز المتهمين قبل المحاكمة في هلسنكي قبل أن يغلق، وبعد أعمال ترميم واسعة النطاق، أصبح فندقا فخما افتتح أبوابه في 2007.
قائمة السجون التي تحولت إلى فنادق طويلة، لكن الفكرة طريفة تدفع الناس لعيش المغامرة في عطلة يرتفع فيها منسوب الأدرينالين، في رسالة واضحة الأهداف للمستثمرين التقليديين في قطاع السياحة الذين شيدوا نزلا فخمة على الشواطئ منتظرين السياح في ملابس البحر، أو في مناطق ذات طبيعة ساحرة سرعان ما يملها الزوار بعد أسبوع من الراحة والتجول، أو الاسترخاء.
الأفكار الطريفة لا تنتهي على عكس ما يتصور هؤلاء المستثمرين التقليديين،لأن السياحة تتجدد مع تجدد أهواء الناس وأمزجتهم، وإلا ما الدافع الذي يجعل الناس تقضي عطلة نهاية الأسبوع في غرفة فندقية كانت في الأصل عربة من عربات القطار القديمة على خط سكة حديد “ويست سومرست” بالمملكة المتحدة
هناك يستمتع النزلاء بالهدوء الممزوج بضوضاء القطارات التي تمر بجوار العربة الفخمة التي تحتوي على غرفة النوم الفاخرة والحمام الساخن، حيث يمكن للسائح الاستمتاع برؤية القطار أثناء الاستحمام، أليست تجربة فريدة؟
التجربة قد تفتح خيال النزيل على تاريخ هذا القطار حين كان يعمل خلال فترتي الحربين العالميتين، وما كان ينقله من جنود وعتاد.
تجربة تحويل عربات القطارات ليست فريدة لكنها تظل مثيرة، فقد حوّل زوجان بريطانيان عربات النوم داخل قطارات الحوادث البالية إلى غرف فندقية للإيجار في محاولة منهما لتحسين ظروفهما المادية.
ولم تكلفهما أول عربة اشترياها من الحكومة سوى 250 دولارا ليجعلاها منزلا لهما، لكن تجديدها تكلف بنحو 18 ألف دولار، وهو ما اضطر الزوجين إلى اللجوء لفكرة تأجير منزلهما الجديد لتعويض جزء من المبلغ الذي تكبداه، غير أن الفكرة لاقت إقبالا كبيرا في مقاطعة كورنوال الساحلية، والتي يقصدها الآلاف من الزوار سنويا بغرض السياحة.
بعض السياح اعتبروا الفكرة نوعا من التغيير، ما دفع الزوجان لتوسيع المشروع وتزويد الغرف بكافة سبل الراحة، حيث تشمل العربة غرفة معيشة وغرف نوم ومطبخا مجهزا وجميع الأجهزة الكهربائية، كما قاما باستصلاح الأرض الخلاء حول عربات القطار لتوفير إطلالة هادئة للنزلاء.
لا تنتهي الأفكار الطريفة في ابتكار مشاريع سياحية لا تصنف في خانة السياحة التقليدية، وهي أفكار تلقى رواجا بين السياح الذين صاروا لا يميلون إلى الفنادق الفخمة إلا الزبائن القدماء منهم أو الذين يأتون في مهمات عمل، أما البقية فلهم في بيوتهم أرائك للاسترخاء وحمامات ساخنة وغرف نوم مريحة، ولكن ليس لديهم أكواخ، أو أسرة معلقة في الأشجار، وليس لديهم أيضا مغارات وغرف نوم مسقوفة بالحطب والقصب.
الأفكار تتوالد وتتجدد لأنها قديمة في الأصل، وهي غير محصورة بحدود جغرافية أو بزمن معين، ففي العراق تعود بيوت القصب والبردي المبنية فوق المسطحات المائية في الأهوار إلى خمسة آلاف سنة، وهي اليوم مقصد سياحي للتمتع بالأجواء الهادئة والمأكولات الشعبية الشهيرة مثل المسكوف في رحلة ينظمها سكان الأهوار أنفسهم. مثل هذه الأماكن السياحية موجودة في الدول العربية وهي كثيرة أيضا، لكن عدم شهرتها يعود لانعدام الأمن في أغلب الدول العربية السياحية، وقلة الترويج لها ولو على مواقع التواصل الاجتماعي.